الملتقى الأسري الثامن – حياة بلا إدمان .. حياة بلا قضبان

يعد انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب كارثة للمجتمع كله ، والمجتمعات التي تصاب في شبابها بكارثة الاعتماد على المخدرات تكون قد خسرت الحاضر والمستقبل معا ، ولذلك فقد لاقت هذه المشكلة اهتماما بالغا من قبل جميع المؤسسات العلمية والبحثية ، وقدمت الدراسات والبيانات الكافية عنها وعن الآثار المدمرة لها ، وما يصاحب عملية التعاطي من فقدان الموانع الأخلاقية ، مما يفجر النزعات العدوانية (العنف) وغير الأخلاقية .

تتلخص فكرة الملتقى بعرض موضوع الإدمان وما يشاع عن انتشاره الواسع بين أبناءنا في المدارس وبين فئة الشباب الغير واعي لذلك استوجبت الحاجة إلى ضرورة توعية الأسر بالسبل العلمية الصحيحة للانتباه إلى أبنائهم وتحذيرهم من أشكال وأساليب عرض هذه المخدرات والترويج لها والسبل العلمية الكفيلة لمعالجة أبناءهم          ( المدمنين ) وكيفية التعامل معهم كمرضى يحتاجون لتعاضد كافة الجهود من قبل الأهل والمؤسسات المختصة لدمجهم في المجتمع من خلال مجموعة من الاختصاصيين والمهتمين أو ذوي العلاقة في هذا المجال .

أهداف الملتقى  :

  • زيادة الوعي حولَ كيفية الوقاية من      المخدرات من خلال      المواضيع المطروحة .
  •  رفع مستوى الكم المعرفي عن أضرار وآفات      المخدرات والمسكرات والتوعية بذلك .
  •  رفع مستوى الوعي الأسري حول ضرورة العناية بالشباب      وتعريفهم بأخطار المخدرات .
  • استثمار الطاقات المتعددة والهائلة      لدى الشباب وتعزيز العلاقات الإيمانية      رغبة في تطوير ونهوض البشرية من خلال طاقات الشباب .
  •  زرع وتقوية الوازع      الديني لدى الأبناء .

    وقد طرح الموضوع ونوقش من عدة جوانب وبمشاركة عدد من الاخصائين والباحثين في هذا المجال فقد بين الدكتور مصطفى أبو السعد إن مشكلة تعاطي المخدرات ليست مشكلة جسدية فحسب ، وأن التعاطي هو نتاج ميول حيوية جينية عند المتعاطي . مبينا إن هذا التفسير القاصر له جوانب سلبية كثيرة ، حيث إنه يحصر المشكلة في شخص المدمن أو المتعاطي ، وبالتالي يتم إهمال أو إغفال جوانب المشكلة الأخرى . التي تؤدي إلى ضعف وعدم تكامل الرؤى في تفسير مثل هذه المشكلات الاجتماعية . مبينا أهمية الإدراك القوي لمستويات العمل اللازمة والمتنوعة المتساندة وعلى رأسها الأسرة في منظومة المكافحة الشاملة للمخدرات . فالأسرة تمثل خط الدفاع والحصانة الاجتماعية الأولى والأبرز وتكون جهود المقاومة أو المكافحة ناقصة وعرضه للفشل إن لم تكن الأسرة واحدة من أركان هذه الجهود محددا بإيجاز ما يجب عمله مع أسر المتعاطين وما يجب أن تعمله هذه الأسر مبتدأً بتحديد أسباب تعاطي المخدرات بعدة أسباب منها :

  • Ø       أسباب التي تعود للفـرد متمثلة ب : ( ضعف الوازع الديني ، رفقاء الســوء ، الاعتقاد الخاطئ بزيادة القدرة الجنسية ، الشعور بالفراغ ، حب التقليد ( ضعف الشخصية ) ، توفّر المال بكثرة ، الهموم المشكلات الاجتماعية والعاطفية ، انخفاض مستوى التعليم ، ضعف الشخصية واضطرابها ) .
  • Ø       أسباب التي تعود للأسـرة. متمثلة ب : ( القدوة السيئة من قبل الوالدين ، إدمان أحد الوالدين ، انشغال الوالدين عن الأبناء وغياب الرقابة والمتابعة ، القسوة الزائدة على الأبناء ، كثرة تناول الوالدين للأدوية والعقاقير المهدئة ، التفكك الأسري وعدم وجود الروابط العائلية وخاصة حالات الطلاق ، قلة الحوار الداخلي في الأسرة ، وجود مدمنين آخرين في الأسرة أو العائلة ، الأسرة المحطّمة (عدم الإشباع البدني منذ الولادة ) .
  • Ø       أسباب  للمجتمـع . متمثلة ب : (توفر مواد الإدمان عن طريق المهربين والمروجين ( خطة مرسومة) ، وجود بعض أماكن اللهو في بعض المجتمعات ، قلة الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام المختلفة ، غياب رسالة المدرسة ، عدم وجود قوانين صارمة (من أمن العقاب ، أساْء الأدب) ، بعض الظروف السياسية والاقتصادية) .

أما بالنسبة للعوامل الوقائية التي تساعد على تجنب تعاطي المخدرات فقد حددها ب :

  • Ø      عوامل شخصية متمثلة ب : ( المهارات الحياتية الشخصية لدى الشاب/الشابة ( القدرة على التصرف السليم ، النظرة الإيجابية إلى الذات ، القدرة على اتخاذ القرار) ، المشاركة في نشاطات اجتماعية ورياضية وثقافية متنوعة ، الوعي الكامل عن أضرار المخدرات ، التمسك بالعادات والتقاليد والمحافظة على القيم والأخلاق) .
  • Ø      عوامل بيئية(مجتمعية) متمثلة ب: ( وجود علاقات عائلية متينة ، وجود علاقات اجتماعية جيدة مبنية على الرعاية والقيم الحسنة ، الثقافة الاجتماعية التي تستنكر المخدرات ، صعوبة الحصول على المخدرات ( تقليل فرص عرض المخدرات ) ، التوعية الوقائية المدروسة ) .
  • •          ولأهمية فئة الشباب والمراهقين الذين هم ركيزة أي مجتمع ، ولتحقيق الرعاية والحماية الواجبة لهم فقد تناولت الدكتورة أمينة الهيل أهم الطرق الحديثة للوقاية من المخدرات بالمؤسسات التربوية حيث أوضحت وبالاعتماد على التقارير والأبحاث على مستوى العالم ، أن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد مستمر وهذا يتطلب جهوداً توعوية مجتمعية من كافة المؤسسات ، وعلى رأسها المؤسسات التربوية لدورها الفعال و المباشر في بناء الشخصية السوية للطلبة وتوافقهم النفسي والتربوي ، فالمدرسة هي أهم المؤسسات الاجتماعية التي يكون لها تأثير مباشر على شخصية وسلوك الفرد ، وهي تكمل دور الأسرة في هذا الميدان ، لأنها تستقبل الطفل في سن مبكرة ، ويستغرق مكوثه بها مدة طويلة من حياته تكسبه مهارات احترام الضوابط والقوانين الاجتماعية الأخرى ، وبذلك يحقق قدراً كبيراً من الوقاية والحصانة بأخطار المخدرات وطرق الوقاية منها . مشيرة إلى أهمية أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتضمين المناهج الدراسية بفكرة عامة عن المواد المخدرة وبأساليب مناسبة حسب الفئات العمرية والمرحلة الدراسية ، كما أكدت على أهمية الأنشطة اللاصفية وما تسهمه بتبصير الطلاب بالآثار الضارة للمخدرات وبشكل يغرس في نفوس الطلبة النفور من هذه المواد . وأكدت كذلك على ضرورة دعم الأخصائيين الاجتماعيين والمرشدين النفسيين في المدارس وتأهيلهم بشكل مستمر لدراسة أوضاع الطلبة وتبصيرهم وتوعيتهم في كيفية حل مشكلاتهم . وفي الختام أشارت إلى ضرورة  توطيد العلاقة التفاعلية الإيجابية بين المدرس والطالب وكذلك بين المدرسة والأسرة وبناء علاقة حوارية بينهم لبناء جيل واعي محصن ضد الآفات المجتمعية .

          ومن خلال التطرق إلى تناول موضوع الإدمان من الجانب الطبي بشكل عام والنفسي بشكل خاص فقد أوضح كل من الدكتورة هيا المطيري والأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد العزيز اليوسف في طرحه “ للواقع الفعلي للمؤسسات العلاجية المتخصصة في الإدمان ” أهم المؤسسات العلاجية الموجودة بدول الخليج والأساليب العلاجية المتبعة فيها مبتدأ بتعريف المادة المخدرة لغويا(الخدر(بتشديد الدال) الستر والفتور والكسل ، وعلمياً تُعرف المخدرات بأنها  كل مادة طبيعة أو مصنعة والتي إذا تم استخدامها بواسطة الفرد أحدثت تغييراً في سلوكياته وفي حالته المزاجية والانفعالية والاجتماعية لما يكون لها أثراً ضاراً على الفرد والأسرة والمجتمع ” .

والمخدرات أنواع أبرزها مايلي :

1. الهرويـــن :

وهو مسحوق مختلف الألوان فقد يكون أبيض اللون إذا كان مصدره من الهند، ويكون أسمر اللون إذا كان مصدره من المكسيك، وقد يكون لونه أصفر أو بني وذلك حسب نقاؤه، ويستخدمه الفرد المدمن بطرق متعددة منها الشم والحقن والتدخين .

2. الحشيـــش :

هو مادة مخدرة مستخلصة من قمة زهور نبات القنب الهندي، ويستخدم عن طريق تدخينه أو شربه مع الشاي مباشرة أو مضغه

3.الحبــــوب :

هي عبارة عن مواد مركبة من عناصر كيميائية تعالج معملياً ، وتحدث نفس التأثيرات التي تحدثها المخدرات الطبيعية أو المخدرات التخليقية (المنومـات ، المسهرات أو المنشطات ، المهدئات ، عقاقير الهلوســــة) .

4.الخمور أو الكحول :

هي ” تلك السوائل المعروفة والمعدة عن طريق تخمر بعض الحبوب أو الفواكه .

5.التشفيـــــط :

هو”استنشاق أو شفط بخار المذيبات العضوية المتطايرة من هذه المواد اللاصقة يعطي في المراحل الأولى إحساساً بطنين في الأذن ، ودوخة يعقبها اختلال في البصر وتلعثم في الحديث ، ويبدو من يتعاطاها كما لو كان في حالة سكر”، وغالباً ما يقوم باستخدام التشفيط من هو في سن الأحداث والمراهقين .

ومن ثم تطرق الدكتور لأهم التغيرات السلوكية والتي تمكننا من اكتشاف الشخص المدمن وعلى النحو التالي :

    تغير سلبي في الانتظام المدرسي والعمل مع تغير سلبي في المستوى المدرسي والأداء الوظيفي ، العزلة والانطواء على النفس,عدم الرغبة في الطعام وما يرافقه من شحوب الوجه واصفراره وانخفاض سريع في الوزن ، كثرة النوم ، كثرة النرفزة وسرعة الاستثارة وتقلب المزاج ، التأخر الكثير خارج المنزل ، طلب الكثير من المال وبإلحاح وما يتبعه من كثرة الاستدانة والسرقــــة ، اضطراب الشخصية وعدم التركيز ، عدم الاهتمام بالهندام (الملابس) والمظهر الخارجي ، اختفاء بعض المال أو الأشياء القيمة (ذات قيمة مالية) من البيت ، العثور على بعض الأدوات الغريبة في سيارته أو في غرفته ، وأخيرا وجود بعض العلامات في جسمه وملابسه .

     مبينا إن علاج الإدمان متعدد الأوجه فهو جسمي ونفسي واجتماعيويبدأ العلاج في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات . وبالنظر لأهمية التعرف على شكل العلاقة بين المدمن وبيئته الاجتماعية لعلاقة ذلك بالنتيجة التي سينتهي إليها العلاج من حيث النجاح أو الفشل ، فالأشخاص الذين يتلقون دعما اجتماعيا أو أسريا يتوقع لهم أن يتحسنوا أكثر من هؤلاء الذين لا يتلقون مثل هذا الدعم ويمكن تحديد اهم المشكلات الاجتماعية  التي يواجهها المدمن المتعافي ب : –


      رفض أسرة المدمن لعضوها المتعافي من الإدمان ، رفض أرباب العمل توظيف المتعافي من الإدمان «القادر على العمل» ، صعوبة توفير النفقة، حالة الفراغ التي يواجهها المتعافي من حالة الإدمان ، النظرة السلبية من قبل بعض الأطباء والمعالجين .

وفي الختام تناول الباحثان موضوع المصحات في دول الخليج والطرق العلاجية المتبعة هناك خاتمين طروحاتهم بأهم السبل الكفيلة والواجب إتباعها في هذه المصحات بالإضافة إلى وجوب تبعية هذه المصحات لوزارة الصحة وليس للجهات والأجهزة الأمنية كما هو واقع الحال الفعلي .

         وفي إطار طرح أهم التجارب العالمية الناجحة في مجال التوعية ضد الإدمان والوقاية ضد مخاطر المخدرات والمطبقة في دول الخليج فقد قدم د.أحمد ضاعن السمدان تجربة دولة الكويت ضمن مشروع “غراس” في هذا المجال .

حيث تقوم فكرة مشروع “غراس” على رصد الأسباب الاجتماعية بقضية المخدرات ومعالجاتها بخطاب إعلامي وقائي مدروس ومستهدف وإبداعي ومقاس ، حتى نستطيع أن نوصل الرسالة الإعلامية المتنوعة لكافة شرائح المجتمع. وكان محور الإستراتيجية الإعلامية لمشروع “غراس هو بث الوعي لدى الفئات المستهدفة وخلق حالة رأي عام تجاه قضية المخدرات لدى جميع شرائح المجتمع الكويتي والمقيمين فيه حتى تتصدى لهذه الآفة المدمرة من خلال سياسة الخطاب الإعلامي الوقائي لتحصين الأفراد من الدخول في عالم المخدرات . أما الدور العلاجي للأخذ بيد من وقع في الفخ فيتصدى له الاختصاصيون من أطباء ومستشارون في وزارة الصحة ومؤسساتها وذلك عن طريق بناء مستشفى لعلاج وتأهيل المدمنين ، لذلك فالمشروع الوطني للوقاية من المخدرات “غراس” ليس حملة إعلامية مؤقتة لمواجهة حدث معين بل مشروع توعوي إعلامي طويل الأمد . هذا وقد تناول الباحث عرض أهم الحملات وتحديد أهدافها والفئات الموجه لها والنتائج المستحصلة من تطبيقها ، بالإضافة إلى عرض الطرق والمساهمات التشجيعية  المرصودة للأشخاص المتعافين والمساهمين في والتي  في تفعيل هذه الحملات .

وفي الختام تطرق الباحث إلى النتائج الملموسة لحملات “غراس” ومنها تغيير النظرة الاجتماعية السائدة قديماً عن المتعاطين من أنهم “عيب اجتماعي” إلى “مرضى ” من الممكن علاجهم مبكراً ، زيادة اهتمام الأسرة بأبنائها ومراقبة سلوكياتهم بالإضافة إلى الاقتراب منهم وتلمس مشاكلهم والحوار معهم والإصغاء إليهم ، المشاركة الفعالة من الجمهور وتفاعلهم الواضح مع مشروع “غراس” من خلال مبادرتهم بالاتصال في الجهات المعنية للإبلاغ عن حالات تعاطي المخدرات والإدمان عليها  من خلال شكاوى الإدمان .